رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

الله يرحم تلك الأيام

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

ذكر لي الصديق الدكتور اللبناني (جوزيف قطريب) هذه الحادثة التي تتعلق بشعر (الزجل)، وقبل أن أدخل في الموضوع، فمن المستحسن تقديم تعريف مختصر عن هذا الفن. فالزجل يعود أصله إلى العصر الجاهلي، ومن أشهر الزجالين الشاعرة (الخنساء)، كما أن هذه الكلمة تعني (الصوت) بالفصحى، وكذلك التصويب أو التطريب، وهو اسم أطلقه أهل الأندلس على شعرهم العامي الذي شاع وانتشر في القرن الثاني عشر الميلادي، خاصة على يد (ابن قزمان) وجماعته. وهو شكل تقليدي من أشكال الشعر العربي باللغة المحكية، كما أنه ارتجالي، وعادة ما يكون في شكل مناظرة بين عدد من الزجالين مصحوباً بإيقاع لحني بمساعدة بعض الآلات الموسيقية، وينتشر الزجل في لبنان على وجه الخصوص، ومن ألوانه المغناة: العتابا والميجانا، وأبو الزلف، والروزانا وغيرها. وذكر لي الدكتور جوزيف الذي هو ناجح بالطب مثلما هو مبدع بالزجل، وقال لي: إن عميد الأدب العربي طه حسين لم يكن يصدق أن شعراء الزجل يرتجلون ما يقولون، وفي إحدى زياراته لبيروت دعاه صديق له لحضور حفلة زجل لفرقة (شحرور الوادي) ولما دخل القاعة وكانت الحفلة حامية الوطيس، فرحب أحد الحاضرين من الجمهور بعميد الأدب العربي الكفيف قائلاً: أهلاً وسهلاً بطه حسين، هنا ارتجل على السليقة رئيس الفرقة الشاعر شحرور هذين البيتين: أهلاً وسهلاً بطه حسين ربي أعطاني عينين العين الواحدة بتكفيني خد لك عين وخلي عين وأخذ طه حسين يبتسم لتلقائية هذه الردة وطرافتها، بينما كان الحضور هائجاً ومائجاً، وإذا بالشاعر (علي الحاج) يرتجل ويرد على شحرور قائلاً: أهلاً وسهلاً بطه حسين يلزم كل عينين اتنين تكرم شحرور الوادي منك عين ومنّي عين هنا كبرت البسمة على شفتي (طه حسين) بينما أصوات الجمهور تتعالى وتكاد تهد القاعة، وإذا بـ(أنيس روحانا) يفاجئ الجمهور بارتجاله هذه الأبيات قائلاً: لا تقبل يا طه حسين من كل واحد تأخذ عين بقدم لك جوز عيوني هدية لا قرض ولا دين ضحك طه حسين وضجت القاعة أكثر ولكن بخوف، إذ لم يبق للشاعر الرابع (طانيوس عبده) ليقول شيئاً، فقد انتهت العيون، غير أنه (قلب الطاولة) على الجميع، عندما قال: ما بيلزم طه حسين عين ولا أكثر من عين الله اختصه بعين العقل بيقشع فيها على الميلين هنا تنهد الصديق جوزيف قائلاً: الله يرحم تلك الأيام كانت متوجة بالإبداع والفطرة والبراءة.
نقلا عن الشرق الأوسط

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up